U3F1ZWV6ZTM3NzI2MDkxNzkyNTQ4X0ZyZWUyMzgwMDg4MDkxMDM4OA==

أمزازي: إدراج الثقافة اليهودية في البرامج الدراسية يثبت الهوية الوطنية


قال سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، إن “سياق إدراج التعبيرات الثقافية للرافد اليهودي وتاريخ اليهود المغاربة ضمن البرامج الدراسية يأتي للتأكيد على انخراط المدرسة المغربية في تثبيت الهوية الوطنية، متنوعة المقومات، والموحدة بانصهار كل مكوناتها”.

وأضاف الوزير ذاته، في حوار أجرته معه هسبريس: “ارتأينا أن يكون الإدراج الأول مقتصرا على الدولة العلوية وعهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله ضمن إستراتيجية استشرافية دقيقة، وهدفنا في هذه المرحلة التذكير بقيم التعايش والتسامح التي تميز بلادنا وترسيخها، ومنهجيتنا هي إدراج الرافد اليهودي في المناهج الدراسية للمنظومة بغية ملاءمتها مع مقتضيات الدستور وتثمينا لزيارة جلالة الملك لبيت الذاكرة”.

وهذا نص الحوار:

بداية نتساءل السيد الوزير، ما سياق هذا الإدراج؟ وهل يمكن اعتباره خطوة نحو مصالحة المدرسة مع العمق التاريخي والتعدد الثقافي لبلادنا؟.

إن سياق إدراج التعبيرات الثقافية للرافد اليهودي وتاريخ اليهود المغاربة ضمن البرامج الدراسية هو للتأكيد على انخراط المدرسة المغربية (العمومية والخصوصية) في تثبيت الهوية الوطنية متنوعة المقومات، والموحدة بانصهار كل مكوناتها كما عَرّفَها دستور المملكة المصادق عليه سنة 2011. وهذا الأمر غير جديد على المغرب وملوكه العلويين الذين كانوا عبر التاريخ يولون عناية خاصة للرافد اليهودي. وأكبر دليل على ذلك تدريس اللغة العبرية في الجامعات المغربية مند سنين.

لن نختلف حول وجود بل وتجذّر “الرافد اليهودي” في شتى أشكال الثقافة المغربية، بدءا بالطبخ ومرورا بالموسيقى والأزياء والعمارة، وانتهاء ببعض الطقوس والعادات، ما جوانب الثقافة اليهودية التي ركّزتم على إكسابها للمتعلم المغربي وما مدى امتدادها التاريخي؟.

نتوفر على صعيد بلادنا على متحف للتراث اليهودي بالدار البيضاء، وعلى بيت الذاكرة بمدينة الصويرة، وعلى مئات المواقع الدينية والثقافية اليهودية، وعلى الأحياء الخاصة باليهود في المدن الكبرى. وقد أنجزت عدة دراسات تاريخية وأنتربولوجية حول هذا الرصيد الوطني الممتد عبر العصور. ومن وأولوياتنا، أثناء إعداد البرامج الدراسية الجديدة للسلك الثانوي، الاعتماد على الخبراء والأكاديميين المتخصصين، والاسترشاد بهذا الرصيد الوطني تنفيذا لما نص عليه القانون الإطار 17-51 في دمج البعد الثقافي ضمن المنهاج الدراسي. وهذه المراجعة سوف تتواصل في الزمن لتشمل كل المستويات الدراسية من التعليم الأولي الى التعليم الجامعي. وبالنسبة للامتداد التاريخي، فرغم أن تاريخ اليهود في بلادنا يعود إلى 2000 سنة أو أكثر، وهو ما تثبته العديد من القرائن الثابتة؛ وهنا تحضرني زيارة متحف الخربات بإقليم الرشيدية خلال السنة الماضية وما يختزنه -على غرار متاحف أخرى عبر ربوع الوطن- من تراث عبري مغربي يؤرخ للعلاقة الطيبة التي ربطت على الدوام بين المغاربة على اختلاف عقائدهم وأديانهم، ارتينا أن يكون الإدراج الأول مقتصرا على الدولة العلوية وعهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله، ضمن إستراتيجية استشرافية دقيقة. هدفنا في هذه المرحلة التذكير بقيم التعايش والتسامح التي تميز بلادنا وترسيخها، ومنهجيتنا هي إدراج الرافد اليهودي في المناهج الدراسية للمنظومة بغية ملاءمتها مع مقتضيات الدستور، وتثمينا لزيارة جلالة الملك لبيت الذاكرة.

طبعا ستأتي خطوات أخرى يشمل فيها الإدراج مستويات ومواد أخرى، كاللغتين العربية والفرنسية. مجمل القول أن عقيدتنا هي أن التعايش والتسامح اللذين منحا للمغرب التميز والاستثناء يجب أن نثمنهما ونرسخهما لدى الناشئة.

كيف تفاعلت الجالية اليهودية المغربية مع قرار وزارتكم؟.

عبرت عبر مختلف ممثليها داخل المغرب وخارجه عن الشكر والامتنان لصاحب الجلالة على هذه الخطوة التي اتخذتها المملكة المغربية. وقد تم نشر عشرات الاستجوابات والمقالات الصحافية لشخصيات مغربية وازنة من المقيمين بالمغرب، وكذا من مغاربة العالم، تشيد بهذه الخطوة التي تم وصفها بـ”العملاقة”، وهذا يعد مفخرة للمدرسة المغربية وإنجازاتها التي تستنير بالتوجيهات الملكية السامية وترتكز على الأحكام الواردة في دستور المملكة. كل هذا كما قلت يدخل ضمن سياق عام هو إسهام المدرسة بشكل قوي في تثبيت الهوية المغربية الموحدة بانصهار كل مكوناتها، والتربية على العيش المشترك وترسيخ قيم التسامح ضمن التنوع.

كنتم قد وقعتم مع جمعيتين يهوديتين مغربيتين اتفاق شراكة “لتعزيز مفاهيم التسامح والتنوع والتعايش في المؤسسات المدرسية والجامعية”؛ وذلك في بيت الذاكرة بالصويرة، وهو طبعا متحف مكرس للتعايش بين اليهود والمسلمين، لماذا مدينة الصويرة وبيت الذاكرة بالذات؟.

لن يقتصر العمل على مدينة الصويرة وحدها، كانت فقط البداية لما يجسده تاريخ وتراث هذه المدينة من أمثلة حية لصور التعايش والاستضافية (convivialité) بين مختلف مكونات الشعب المغربي. هذا لن ينسينا طبعا أن في كل منطقة من مناطق المغرب تراث أمازيغي، وتراث يهودي، وتراث عربي إسلامي، يجب أن يستثمر داخل البرامج الدراسية في التعرف على تاريخ الأمة المغربية وحضارتها عبر العصور.

هل يمكنكم إطلاع قراء هسبريس على الخطوط العريضة لهذا الاتفاق؟.

تتضمن هذه الاتفاقية تعميم أندية “التسامح والتعايش في التنوع” داخل المؤسسات التعليمية، كما تنص أيضا على انفتاح المدرسة المغربية على مؤسسة بيت الذاكرة بتنظيم زيارات لتلاميذ المدارس لهذه المعلمة الثقافية، وكذا القيام بأنشطة مشتركة من خلال برنامج عمل سنوي يتضمن لقاءات علمية وأدبية وثقافية وفنية حول التسامح والتعايش في التنوع، وأيضا الإشراف المشترك على مشاريع بحثية حول الموضوع.

ختاما، ما تعليقكم على التوجه الجديد لبلادنا في علاقتها بدولة إسرائيل؟.

أولا كمواطن مغربي معتز بالانتماء إلى هذا الوطن وتاريخه المجيد في التعايش والانسجام بين مختلف مكوناته، وثانيا كوزير في حكومة جلالة الملك، مُستأمن على مجال التربية والتكوين والبحث العلمي، لا يمكنني إلا أن أنوّه وأفتخر بالمجهودات التي قام ويقوم بها جلالة الملك للدفاع على مصالح المغرب العليا في صيانة وحدته الترابية وما يصبغه من عطف على رعاياه أينما وُجدوا داخل وخارج المغرب، وعلى سعي جلالته الدائم إلى إحلال السلام وحسن الجوار بين مختلف الشعوب، وبالخصوص بمنطقة الشرق الأوسط، من خلال دعم مبادرات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بإعمال حل الدولتين كي يَعُمَّ السلام والتعاون في مختلف الميادين بين مجموع دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط..

هسبريس

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة