U3F1ZWV6ZTM3NzI2MDkxNzkyNTQ4X0ZyZWUyMzgwMDg4MDkxMDM4OA==

بيداغوجيا الخطأ


الخطأ استراتيجية للتعليم و التعلم ، فهو استراتيجية للتعليم لأن الوضعيات الديدكتيكية تعد و تنظم في ضوء المسار الذي يقطعه المتعلم لاكتساب المعرفة أو بنائها من خلال بحثه ، و ما يمكن أن يتخلل هذا البحث من أخطاء . و هو استراتيجية للتعلم لأنه يعتبر الخطأ أمرا طبيعيا و إيجابيا يترجم سعي المتعلم للوصول إلى المعرفة .
  عندما نتعمق في دراسة ظاهرة الخطأ، نكتشف مجموعة من الدراسات و البحوث التي اهتمت بهذا المجال و التي حاولت في أغلبها توضيح أن الأخطاء التي يرتكبها المتعلم ليست ناتجة فحسب عن ماهو بيداغوجي أو ديدكتيكي أو تعاقدي ، بل إن هناك سبب هام و هو ما يتصل بتمثلات المتعلم تلك التي قد تكون خاطئة ، و بالتالي فهي تشكل عوائق أمام اكتساب معرفة عملية جديدة ، مع التأكيد على أن الأخطاء التي نرتكبها في تعلمنا تشكل جزءا من تاريخنا الشخصي مع كل ما يشتمل عليه تاريخنا الخاص من معرفة و تجربة و تخيلات؛ و هكذا يمكن تشبيه أخطائنا الخاصة بتلك الأخطاء التي عرفها تاريخ العلم خلال مراحل تطوره.
 و تتأسس هذه البيداغوجيا على ثلاثة أبعاد :
- البعد الابستمولوجي: هو بعد يرتبط بالمعرفة في حد ذاتها ، بحيث يمكن للمتعلمين أن يعيدوا ارتكاب الأخطاء نفسها التي ارتكبتها البشرية في تاريخ تطورها العلمي.
- البعد البيداغوجي: و يرتبط بالأخطاء الناجمة عن عدم ملاءمة الطرائق البيداغوحية لحاجات المتعلمين ، و يمكن معالجته بإتاحة الفرصة للمتعلمين لاكتشاف أخطائهم و محاولة تصحيحها بأنفسهم.
- البعد السيكولوجي : يتجلى في اعتيار الخطأ ترجمة للتمثلات التي راكمتها الذات من خلال تجاربها ، و تكون ذات علاقة بالنمو المعرفي للمتعلم.
 و يعتبر باشلار أن التمثلات التي تترسخ في ذهن المتعلم على شكل أفكار مسبقة و التي تم اكتسابها من خلال التجارب المباشرة المرتبطة بالمجال الثقافي و الاجتماعي ، تكون حمولة معرفية على شكل مجموعة من العوائق الابستمولوجية التي تضمر و تقاوم اكتساب المعرفة العملية الجديدة ؛ و في هذا الإطار قسم باشلار العوائق الابستمولوجية إلى خمسة عوائق أساسية و التي تتسبب في ارتكاب الأخطاء أو إعادة ارتكابها من جديد مرة أخرى ، هذه العوائق هي :
- العوائق المرتبطة بالمعرفة العامة.
- العائق الجوهري.
- العائق اللغوي.
- العائق الإحيائي.
- العائق الحسي.
 تمثل هذه العوائق موضوعا أساسيا بالنسبة للمدرس و غالبا ما تكون هي السبب في ما يرتكبه المتعلم من أخطاء خلال مساره التعليمي التعلمي ، كما أن هذه العوائق قد تبقى كامنة رغم انتهاء مراحل الدراسة.
 و يمكن رصد الأخطاء و دمجها في الفعل التربوي باعتماد فعل التقويم الذي يعتبر أمرا ضروريا في مستوى التحصيل عند المتعلمين و هو المعيار الأساسي لضبط المستويات الدراسية خاصة ما ارتبط منها بالتحصيل و بناء المفهوم.
  و يبقى الهدف الأساسي هو أن يعمل المدرس جاهدا على هدم التمثلات الخاطئة و تعويضها بمعرفة مواتية حسب مختلف مراحل النمو العقلي و وتيرة التعلم لدى المتعلم.
  و يمكن رصد الأخطاء بالتقويم التشخيصي الذي يعد أمرا ضروريا في بداية كل حصة دراسية و كل دورة وفي بداية السنة الدراسية قصد الحصول على مجموعة من البيانات التي توضح مدى تحكم المتعلم في مكتسباته السابقة ، و كذلك معرفة تصوراته و تمثلاته حول مفهوم م تعنيه الظواهر المطروحة على مجموعة من التلاميذ ؛ نأخذ مثالا في مادة العلوم : 
 - طلب من مجموعة من التلاميذ الذين لم يسبق لهم أن تعرفوا غلى ظاهرة الزلازل و البراكين ، تقديم مجموعة من الشروحات حول الظاهرتين . فجاءت أجوبتهم كالشكل الآتي :
 " إن الجن هو الذي يحدث البراكين ، وأن الأرض تختنق فتريد أن تتنفس ".
  إذا تمعنا في الجواب ، نستنتج أنه ليس وليد فراغ ، بل أنه تأسس على المكتسبات السابقة . إذن المطلوب من المدرس في هذه الحالة هو الأخذ بعين الاعتبار هذه الأخطاء وأن ينطلق منها ساعيا إلى هدمها و تعويضها بالمعرفة العملية الجديدة ، مما يؤدي حتما إلى حدوث قطيعة و التي ليست القطيعة النهائية بل ستليها قطيعات أخرى خلال المسار الدراسي.
  و خير ما نختم به هو مقولات جاءت على لسان مجموعة من الباحثين نذكر منها : 
باشلار : الحقيقة العلمية خطأ تم تصحيحه.
موران : الخطأ في عدم تقدير أهمية الخطأ .
طاغور :  إذا أوصدتم بابكم أمام الخطأ فالحقيقة ستبقى خارجه.
  
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة