U3F1ZWV6ZTM3NzI2MDkxNzkyNTQ4X0ZyZWUyMzgwMDg4MDkxMDM4OA==

ظاهرة الغش في الامتحانات

  أصبحت فترة تمرير الإختبارات الإشهادية السنوية خاصة مسلك البكالوريا أسوأ مرحلة سنوية يعاني من تبعات إكراهاتها القيمون عن الشأن التربوي بالجهات والمديريات. فترة نعترف فيها علانية بتجذر الغش بالمؤسسات المغربية . غش سكن الفصول الدراسية بقوة الاكتساب والممارسة والتجديد والابتكار السلبي، وأصبح هو عزيمة بعض المتعلمين ، فيما نال الجد والاعتماد على القدرات الذاتية والمهارات الفردية المعرفية موضع الرخصة من حيث التطبيق، وقل الإيمان بنتائجه الوصفية.
تفعيل آليات القضاء على الغش الاختباري حتى متم التلمذة ،هو فعل الذي ترتضي به وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إضفاء المصداقية العلمية و الوثوقية على الشهادة الممنوحة وطنيا ودوليا .
ولكي تكون آليات الحد من تنامي الغش ناجعة وفعالة ، يرتضي الأمر إتباع مقاربة علاجية/إصلاحية شمولية ، بموجهات متعددة المسالك و الأوجه. فيما الغاية الفضلى من الإحاطة بفيروس الغش الاختباري ، يكون عبر مضادات عملية تتسم بالواقعية و الجدية والمصداقية القانونية . مقاربة كلية تستهدف كل المجالات التي تشكو علانية من الفساد والإفساد ، وتجعل من المؤسسة التعليمية عنصرا واحدا ضمن حوض الغش العام . إن التربية الأخلاقية/ السلوكية،  والحقوقية/القانونية من الأسرة إلى الوسط الاجتماعي ، إلى الوسط المدرسي بمتم الفصل الدراسي ، إلى سوق المجتمع ... هو المشتل الذي ينبغي رعايته بالإصلاح والضبط ، وتوطين حكامة وطنية على أساس سمو القانون والعدل ، ولن تغني عنا جميعا مقولة " عفا الله عن ما سلف " من بوابة المساءلة والمحاسبة .
كشف الحجاب عن أسباب الغش وامتداداته الوسخة ، يعرينا بالتمام ، ويفضح عيوب فجوات مؤسساتنا التعليمية كليا . فمن الغش المدرسي ، إلى التدليس السياسي ، إلى الغش الصناعي ، إلى التلاعب بصحة الإنسان ، إلى الغش في تصريف الجهد الوظيفي العملي داخل الأقسام المدرسية والإدارات العمومية…،إلى الغش في … وإن اللائحة تمتد وتطول بالتوكيد المعلوم لدينا جميعا بالمعرفة .
هنا فالقفز عن تلك الوسائط السلبية التي تملكت كل الممرات الحياتية ، تلزم التعامل معها أولا بتغليب القانون وسموه، والتقليل من تبعات الهروب إلى الأمام وتحميل المتعلم تبعات الغش وحيدا ، ثانيا بإرساء حكامة تربوية تدبيرية تنتج متعلما قادرا على منازلة الامتحان الإشهادي باستحقاق ، ثم ثالثا بإنتاج وعي جماعي يفضح الغش مهما تلونت مكوناته الحربائية.
تطور آليات ومواصفات ممارسة الغش بالمدارس المغربية وعلو سهمها الالكتروني ، هو الخلاصة الفصيحة للتحولات الاجتماعية المتحركة برجة الحداثة وقتل الأخلاق والمبادئ السليمة للاستحقاق ، هو احتفاظنا بالنظم المتقادمة لعملية التقويم والاختبارات والتنقيط ، هو إغفالنا عن إعمال العقل والتفكير والوحدة المهارية في مناهجنا الدراسية وفي مسارات الامتحانات الإشهادية والفروض المحروسة.
إن المعالجة ليست لحظية تتزامن مع الامتحانات فقط بجذبة موسمية، وكفا القيمين عن الشأن التربوي شر المواجهة داخل حلبات الغش المستديم بالمؤسسات التعليمية والتي ينتهي دائما بالتعنيف بحق الأساتذة ، بل يجب أن تتأسس روح الإصلاح على منطلق التوعية السلوكية، والمصاحبة بالبدائل والتصويب لشمولية الحياة الاجتماعية، بتخليق الأفعال المواكبة لعموم تدابير ورافعات الإصلاح ، ببناء الأيادي والعقول البيضاء التي لم تدنس قط بمسألة غش كيفما كان نوعه.
إن تنميط ترسانة من القوانين الجافة تسري بالتعميم وتخلط الأوراق بالتوصيف التشكيكي كإدانة أولية لكل متعلم ، هو المسعى الذي لن  ولم يرض الأسر ولا التلاميذ المجدين . فآلية العقاب والجر إلى السجن ليست بالمسلك التام و الوحيد لمعالجة مظاهر الغش بكل تجلياته وأنواعه ، بل نعتقد برجحان منطق الحكامة ، فالوضع يتطلب غربلة دقيقة لسلوكاتنا وتمثلاننا لمفهومي الغش والاعتماد على القدرات الذاتية . فيما الخطط المواكبة لا بد أن تكون ذات بعد عميق يلازم تنزيل الرؤية الإستراتيجية للإصلاح 2015/2030.
فالمنطلقات الأخلاقية لازمة ضرورية لكل كفاح ضد الغش ليس فقط المدرسي،  بل لكل مواطن الفساد،  ولكل تلونات الغش و موجهاته الأصيلة بالتراكم الكمي . فالفساد العميق المتجذر بالوسائط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصناعية هو الجمرة المشعلة لكل نيران الغش ، وبإخمادها بالاستهداف يتم تجفيف الجزء الأول (الغش المدرسي ) من مستنقع الفساد حقا، ونلحق به  إلى عموم المرافق العامة .


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة