لقد عرفت الساحة التعليمية في السنوات الأخيرة تطورات،وضع أسسها الميثاق الوطني للتربية و التكوين، و رسم اختياراتها و توجهاتها الكتاب الأبيض ؛ و انطلاقا من هذا الإطار المرجعي و ما رافقه من مشاريع تطوير و تجديد المدرسة المغربية ، برزت مقاربة التربية على القيم كإضافة نوعية و كركيزة أساسية من الركائز التي يقوم عليها العمل التربوي كهدف لتطوير المجتمع.
إذن ، ماذا نقصد بالقيم؟ و ماهي مسببات تراجع القيم في المؤسسة التربوية؟ و كيف يمكن غرس و ترسيخ القيم الإيجابية في مدارسنا؟
يمكن تعريف القيم بأنها مجموعة من المثل و المبادئ و الضوابط الأخلاقية الموجهة لسلوك الفرد، و قد تعددت التصنيفات الخاصة بالقيم حسب معيار التصنيف و حسب الدارسين ، فهناك تصنيف وايت و تصنيف الدكتور علي كنعان الذي أعطى حوالي 70 قيمة منتظمة في 10 مجموعات . و بالعودة إلى الميثاق الوطني للتربية و التكوين نجد الإشارة القوية إلى التربية على القيم كمرتكزات أساسية ،تتمثل في الثوابت الآتية:
1- قيم العقيدة الإسلامية.
2- قيم الهوية الحضارية و مبادئها الأخلاقية و الثقافية.
3- قيم المواطنة.
4- قيم حقوق الإنسان و مبادئها الكونية.
و انسجاما مع هذه المبادئ ، تأتي الغايات الكبرى في الميثاق و منها:
1- جعل المتعلم في قلب الاهتمام و التفكير خلال العملية التربوية التكوينية .
2- منح المتعلم فرصة اكتساب القيم و المعارف و المهارات.
3- تزويد المجتمع بالكفايات من المؤهلين و العاملين و الصالحين للإسهام في البناء المتواصل لوطنهم.
و يسطر الكتاب الأبيض كذلك مجموعة من الغايات ،يتوخى نظام التربية و التكوين تحقيقها ، نذكر منها:
1- ترسيخ الهوية المغربية الحضارية.
2- تكريس حب الوطن.
3- تنمية الوعي بالواجبات و الحقوق.
4- التربية على المواطنة و ممارسة الديمقراطية.
5- ترسيخ قيم المعاصرة و الحداثة.
إن الحديث عن القيم يعني الحديث عن بيئة متكاملة و عن عناصر و أبعاد تتكامل و يدعم بعضها بعضا، كل هذا يغيب في مؤسساتنا التعليمية،مما يؤدي إلى تراجع القيم ، حيث نلاحظ:
1- مناهج و طرائق لا تولي العناية و الأهمية لعناصر الشخصية.
2- طرق لا ترضي طموحات المتعلمين ، ولا تستجيب لتصورات المجتمع و آماله.
3- تقويم عقيم ينصب على تقويم المعرفة في غياب تام لتقويم الشخصية ، وهو لا يستخضر إلتزام المتعلمين بقواعد السلوك العام و قوانين المدرسة.
4- مبدأ اللامبالاة بالآخر و بحقوقه و بثقافته و حاجاته.
5- غياب القيم الإيجابية :الديمقراطية والإنصاف و المساواة و المواطنة.
كل هذا استعجل الوزارة الوصية للتدخل قصد تخليق الحياة المدرسية ، و كذا الرفع من مستوى القيم و السلوكيات داخل المؤسسة المغربية بطرق و أساليب شتى منها:
1-إحياء الأيام العالمية:كاليوم العالمي للطفل/المدرس/البيئة/المرأة/السلام..
2- إحياء الأيام الوطنية:كعيد المدرسة/ذكرى المسيرة الخضراء/عيد الاستقلال/اليوم الوطني لمحاربة الرشوة..
3- إصدار مذكرات لتفعيل دور المؤسسة التربوية و كذا الأندية التربوية.
4- تكوين الأساتذة و المفتشين في التربية على حقوق الإنسان و القيم.
5- تتبع الدخول المدرسي إداريا و تربويا.
6- وضع شعار لكل سنة يرتبط بالتربية على القيم.
7- إدماج مبادئ حقوق الإنسان و مجموعة من القيم في المقررات الدراسية.
8- تفعيل الحياة المدرسية، و كذا إشراك التلاميذ في مجالس المؤسسة.
أما الدكتور علي كنعان فقد ساق في كتابه أدب الأطفال و القيم التربوية أربعة مؤشرات في تشكيل قيم الفرد:
- الاقتناع و الممارسة.
-القدوة.
-الإقناع لأن القيم لا تفرض على المتعلم بالقوة و السلطة.
-المتابعة و الاستمرار.
و خلاصة القول ، فإن المدرسة كفضاء مؤسسي تعليمي تربوي ، يجب أن يلعب دوره الكامل في تنشئة المتعلم تنشئة مبنية على القيم الإيجابية من حب و إخاء و احترام و تقدير و أمن و حرية و انتماء..
إرسال تعليق